الخميس، 7 فبراير 2013

الموارد البشرية في مجالات العلوم والتكنولوجيا

الموارد البشرية في مجالات العلوم والتكنولوجيا

مجدى سعيد
Nature
إذا كان البشر هم أداة النهضة ومبتغاها، فإن العلم هو أداة المجتمعات البشرية لتحقيق النهضة، ومن ثم يكون النهوض بالمورد البشري القائم على إدارة وتشغيل منظومة العلوم والتكنولوجيا من أوجب الواجبات؛ لتلبية احتياجات أي مجتمع، وحل مشكلاته المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا، وليس ثمة احتياج، أو مشكلة، ليست للعلوم والتكنولوجيا صلة به، أو بها، من قريب أو بعيد. ومن أجل ذلك.. فإن مجلة Nature تخصص بابًا أسبوعيًّا ثابتًا لتقديم خلاصة الخبرات البشرية في مجال النهوض بمُمْتَهِنِي العلوم والتكنولوجيا، وتقديم الخدمات لهم. وفي الطبعة العربية ـ التي نقدمها شهريًّا ـ نقدم مختارات مما يُنشر في هذا الباب.
في هذا العدد الخامس من «Nature الطبعة العربية» ـ الذي يصدر في أوائل فبراير 2013 ـ نقدم أربعة موضوعات في باب «مهن علمية». يتناول الموضوع الأول ـ الذي يحمل عنوان «أضواء مرشدة» ـ تقييمًا للعلماء الثلاثة الحاصلين على جوائز التوجيه العلمي عن عام 2012، الذين جاءوا جميعًا من الدول الإسكندنافية، والذين شاركوا في توجيه وإرشاد الطلاب والباحثين في مرحلة ما بعد الدكتوراة. ومن خلال التقرير المنشور عنهم، نستطيع تَبَيُّن سر نجاح التوجيه العلمي، المتمثل في الصفات الإنسانية للمرشدين، من حيث استعدادهم لتمكين المتدربين من مواصلة ومتابعة اهتماماتهم الخاصة، وكرمهم من ناحية الوقت، وقضاء وقت أطول مع المتدربين، بالإضافة إلى قدرة كل منهم على أن يكون قدوةً كعالِم، ومدير معمل، ومن ثم فهو يدور في مجمله حول ما يجب أن يتحلَّى به كبار العلماء من قدرات على تَبَنِّي، وتوجيه، وإرشاد، وتحفيز، وحل مشكلات أعضاء فِرَقهم العلمية من صغار العلماء، وهي قدرات ومهارات تحتاج إلى أن نزرعها في علمائنا منذ الصغر، فقد يكون العالِم شديد النجاح في عِلْمه وعَمَله العلمي، بحثًا وتدريسًا، لكنه شديد الفشل في توجيه، وإرشاد، واحتضان الفِرَق التي تعمل معه.
أما الموضوع الثاني ـ الذي يحمل عنوان «دراسة ممنهجة» ـ فإنه يتناول برامج الدكتوراة الممنهجة التي تَصاعد الاهتمام بها في أوروبا سريعًا منذ عام 2007، حيث زاد عدد المؤسسات العلمية التي تطبق هذا البرنامج من 25% من المؤسسات في عام 2007 إلى 72% في عام 2010. وتشمل الدكتوراة الممنهجة ـ بشكل عام ـ التدريب على البحوث التقليدية، إلى جانب عناصر أخرى تضع الطلاب على الطريق الصحيح، وتعدّهم لمجموعة متنوعة من وظائف ما بعد الدكتوراة. كما أن هناك في تلك البرامج عددًا من المستشارين والإداريين لتوجيه الطلاب، ويتلقَّى الطلابُ التدريبَ الرسمي في المهارات العلمية والشخصية، وتتوفر لهم فرص السفر، والدراسة المتخصصة. والخلاصة هي أن طلاب الدكتوراة يتلقون التعليمَ على نحو أوسع وأشمل من الذي يمكن أن يقدمه مُشْرِف بمفرده، ويتدربون على ما يحتاجونه من مهارات لمجال أوسع من الوظائف، بخلاف العمل البحثي المباشر.
أما الموضوع الثالث ـ الذي يحمل عنوان «عقبات القيادة» ـ فيتناول تحليلًا لمعلومات، مفادها أن الآسيويين يمثلون 78% من الحاصلين على درجة الدكتوراة بتأشيرات دخول مؤقتة، الذين يخططون للبقاء والعمل بالولايات المتحدة، بينما لا تصل نسبتهم في المهن المتصلة بالمجالات العلمية الصناعية، أو الأكاديمية، أو الفيدرالية عبر كل القطاعات في الولايات المتحدة إلى مراكز قيادية بالمعدل نفسه، المتمثل في وصول أمثالهم من الجنس الأبيض إلى هذه المراكز القيادية. ويرجح الموضوع أن تكون هناك أسباب ثقافية تصنع هذا الفرق، وأن هذه الأسباب يمكن تجاوزها بالمزيد من التدريب على مهارات الاتصال، والثقة بالنفس، وتأكيد الذات، ومهارات القيادة.
أما الموضوع الرابع ـ وهو من باب ثابت يحمل عنوانًا دائمًا، هو «نقطة تحول» ـ فإننا نقدم فيه هذا الشهر الحوار الذي أجرته كارين كابلن مع سارة بلاكفورد، رئيسة قسم التعليم والعلاقات العامة في «منتدى علم الأحياء التجريبي» في «لانكستر» ببريطانيا، التي حولت مجرى حياتها من المجال العلمي البحثي البحت؛ لكي تكون مستشارة للمهن العلمية. ويتناول الحوار دوافعها لإجراء هذا التحول المهني، وكيف حدث التحول. كما يتناول الحوارُ كتابَها الأول في مجال استشارات المهن العلمية، الصادر في شهر أكتوبر من عام 2012 عن شركة «ويلي بلاكويل للنشر»، ويحمل عنوان «التخطيط المهني لباحثي علم الأحياء».
كل هذه الموضوعات المتعلقة بالمهن العلمية تلفت انتباهنا إلى ضرورة الاهتمام بالمهن والوظائف المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا على كافة مستويات منظومة العلوم والتكنولوجيا، وفي كل مكوناتها؛ حتى نستطيع الارتقاء بدور العلوم والتكنولوجيا في نهضة بلادنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق