الاثنين، 4 فبراير 2013

الكيمياء الحيوية: أبجدية الحمض النووي الجديدة

الكيمياء الحيوية: أبجدية الحمض النووي الجديدة

كان الحمض النووي (DNA) في جميع الأنحاء لمليارات من السنين.. لكن هذا لا يعني أن العلماء لا يمكن أن يجعلوه أفضل.
روبرتا كوك
عندما شرع ستيفن بينر في إعادة هندسة الجزيئات الوراثية (الجينية)، لم يفكر كثيرًا في جزيء الحمض النووي (DNA). يقول بينر، الكيميائي الحيوي بـ«ـمؤسسة التطور الجزيئي التطبيقي» في جينزڤيل بولاية فلوريدا: «أول شيء تدركه أنه تصميم محيّر».
خذ العمود الفقري للحمض النووي، حيث تتكرر مجموعات الفوسفات سالبة الشحنة. ولأن الشحنات السالبة تتنافر بين بعضها البعض، يجب أن تصعّب هذه الخاصية على خيطين جزيئيين من الحمض النووي «DNA» أن يلتصقا معا في الحلزون المزدوج. وهناك نوعان من اقتران القواعد النيتروجينية: الأدينين(A) يقترن بالثيامين(T)؛ والسيتوزين(C) يقترن بالجوانين(G). ويتقيد الزوجان معا بروابط هيدروجينية، لكنها روابط ضعيفة تتكسر بسهولة بالماء، وهو ما تمتلئ به الخلية. يقول بينر: «أتثق فى روابط الهيدروجين لنقل ميراثك الجيني القيم الذى ترسله إلى أطفالك في الماء؟ .. لو كنت كيميائيًا بصدد تصميم هذا الشيء، فإنك لن تفعل ذلك بهذه الطريقة على الإطلاق».
ربما كانت للحياة أسباب وجيهة لاستقرار على أساس هذه البنية، لكن ذلك لم يمنع بينر وآخرين من محاولة تغييره. وعلى مدى العقود القليلة الماضية، تلاعبوا بكتل البناء الأساسية بالحمض النووي (DNA) وطوروا حديقة حيوان من حروف غريبة تتجاوز A، وT، وC، وG، ويمكن أن تتشارك معًا وتُنسخ بطرق مشابهة، لكن العمل البحثي يبرز «مشكلة لعينة بعد أخرى»، حسب قول بينر. وحتى الآن، يمكن إدراج عدد قليل فقط من أزواج القواعد النيتروجينية غير الطبيعية بالحمض النووي على التوالي، ولا تزال الخلايا غير قادرة تمامًا على أن تتبنى كيمياء حيوية أجنبية.
إن إعادة هندسة الحمض النووى (DNA) وابن عمومته الحمض النووي الريبي (RNA)، لها أهداف عملية. وهناك بالفعل أزواج قواعد نيتروجينية اصطناعية تُستخدم للكشف عن الفيروسات، وقد تجد لها استخدامات طبية أخرى، لكن العلماء أيضا مندفعون بمجرد حداثتها المطلقة. وفي نهاية المطاف، نجدهم يأملون في تطوير كائنات حية بأبجدية جينية موسعة يمكنها تخزين مزيد من المعلومات، أو ربما تلك التي يدفع بها الجينوم، دون وجود حروف وراثية طبيعية على الإطلاق. وفي ابتكار أشكال الحياة هذه، يمكن للباحثين معرفة المزيد عن المعوقات الأساسية فيما يتعلق ببنية الجزيئات الوراثية، وتحديد ما إذا كانت القواعد الطبيعية هي الضرورية للحياة، أم ـ ببساطة ـ هى حل واحد من حلول كثيرة. يقول جيرالد جويس، عالم الكيمياء الحيوية للحامض النووي في معهد سكريبس للبحوث في لايولا، بكاليفورنيا: «لقد فعلتها الأرض بطريقة معينة في بيولوجيتها». ويضيف: «لكن من حيث المبدأ، هناك طرق أخرى لتحقيق تلك الغايات».
بدأت اهتمامات بينر المبكرة بتلك الطرق الأخرى وهو طالب دراسات عليا في سبعينات القرن الماضى. وكان الكيميائيون قد صنعوا كل شيء من الببتايدات إلى السموم، وكان بعضهم يحاولون بناء الجزيئات التي يمكن أن تنجز نفس وظائف الإنزيمات الطبيعية أو الأجسام المضادة مع تراكيب كيميائية مختلفة. ويذكر بينر أن جزيء الحمض النووي قد تم تجاهله بشكل كبير، ويضيف قائلاً: «كان الكيميائيون يبحثون في كل فئة أخرى من الجزيء من منظور التصميم، فيما عدا واحدة في مركز علم الأحياء».
في عام 1986، بدأ بينر في بناء مختبر بالمعهد السويسري الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ، وبدأ في إعادة بناء العمود الفقري للحمض النووي «دى إن إيه». وأدرك بسرعة أن ما بدا وكأنه عيب قد يكون ميزة. وعندما قام هو وفريقه باستبدال فوسفات العمود الفقري سالب الشحنة مع مجموعات كيميائية محايدة1، وجدوا أن أي خيط أطول من نحو اثنتي عشرة وحدة مطوي على ذاته، ربما لأنه كانت هناك حاجة إلى تنافر الشحنات للحفاظ على الجزيء ممتدًا.
أثبتت القواعد أنها أكثر استعدادًا للترقيع. وشرع بينر إلى تخليق أزواج قواعد نيتروجين تشبه الجزيئات الطبيعية، بجانب إعادة ترتيب وحدات الربط (التقييد) الهيدروجينية.
اختبر فريق بينر زوجين جديدين من أزواج قواعد النيتروجين: «iso-C» و«iso-G» (المرجع2) و«k» وxan-thosine3. وظهر أن إنزيمات البوليمراز، التي تحاكي الحمض النووي (DNA) أو تستنسخ الحمض النووي الريبي (RNA) يمكنها قراءة الأول الذي يحتوي على قواعد نيتروجينية غير طبيعية، وإدراج الشريكين المتكاملين في خيوط نامية للحمض النووي والحمض النووي الريبي. ويمكن لآلات (الريبوسومات) الخلوية التي (تترجم) الحمض النووي الريبي (RNA) إلى بروتين أيضا أن تقرأ قصاصة هذا الحمض المحتوية على قاعدة نيتروجين «iso-C» وتستخدمها لإضافة حمض أميني غير طبيعي للبروتين النامي4. يقول بينر: «اقتران قواعد النيتروجين ـ التي هي في مركز علم الوراثة ـ تبين أن لدينا الجزء الأكثر ليونة من الجزيء»، لكن واجهت الباحثين مشكلة. ونظرًا إلى أن ذرات الهيدروجين بها تميل إلى التحرك، تتخذ «iso-G» في أحيان كثيرة شكلًا مختلفًا، وتقترن بقاعدة النيتروجين «T»، بدلًا من «iso-C».

روابط غير طبيعية

كبر الصورة
تساءل إريك كول، الكيميائي بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا، إنْ كان فريقه يستطيع أن يطور قواعد نيتروجينية غير طبيعية مع ترتيبات روابط هيدروجين ثابتة، أم لا. وصنع هو وزملاؤه قاعدة نيتروجين مماثلة لقاعدة الثايمين «T» الطبيعية، لكنهم اتخذوا الفلور بدلا من ذرات الأكسجين (انظر «الحمض النووي المصمِّم»)، من بين الفروق5، لمحاكاة بنية قاعدة النيتروجين الجديدة، التي تعرف بـ«دايفلوروتولوين» difluorotoluene (المميزة بالحرف «F»)، ومحاكاة شكل قاعدة النيتروجين ثايمين «T» تقريبا بالضبط، لكنها تثبط الهيدروجين عن القفز.
وسرعان ما اكتشف الفريق أن القاعدة النيتروجينية الجديدة «F» كانت في الواقع شديدة الربط بالهيدروجين5، لكن إنزيم البوليميراز لا يزال يعالجه، مثل القاعدة النيتروجينية ثايمين T. وأثناء نسخ الحمض النووي «دى إن إيه»، قاموا بإدراج قاعدة النيتروجين «أدنينA» مقابل القاعدة النيتروجينية داي فلوروتولوين «F» بأمانة6، والعكس بالعكس7. وخلصت الدراسة إلى أنه طالما كان لقاعدة النيتروجين الشكل الصحيح، فيمكن لإنزيم البوليميراز إدراجها بشكل صحيح. ويقول كول: «إذا كان المفتاح مناسبًا، فإنها تنجح».
وقال كول إنه «تلقى رسائل بريد إلكترونية غاضبة من ناس يقولون: كيف يمكنك أن تقول لنا إنه ربما لا تكون هناك حاجة إلى روابط هيدروجينية لتكرار الحمض النووي؟ وكان هذا مركز اللولب. وكانت الناس تركز اهتمامها على روابط الهيدروجين، حتى إنه كان من الصعب حتى أن نتخيل البدائل». وبدلًا من تشكيل روابط هيدروجينية ـ وهي خاصية ترتبط عادة بالجزيئات المحبة للماء ـ كانت قاعدة النيتروجين دايفلوروتولوين «F» وغيرها من أشكال قواعد النيتروجين الأخرى المحاكية لقواعد النيتروجين الطبيعية التي وضعها فريق كول كانت كارهة للماء، فالمياه تطردها، مما يساعد على استقرار الحلزون المزدوج. ويشبِّه كول الحمض النووي بكومة من القطع النقدية، حيث إن البقاء فى الكومة يحمي قاعدة غير طبيعية من المياه.
وسّع فلويد رومزبرج ـ عالم البيولوجيا الكيميائية بـ«معهد سكريبس للأبحاث» ـ ذخيرة قواعد النيتروجين الكارهة للماء. وقال إنه «بدءًا بجزيئات كالبنزين والنفتالين، بنى فريقه «بكل مشتق يمكن تخيله». ويضيف قائلاً: «لقد قادنا ذلك بعيدا جدا عن أي شيء يشبه زوج (قواعد النيتروجين) الطبيعية على الإطلاق». وأثناء اختبار الخطوات في عملية النسخ، وجد الباحثون متطلبين متعارضين، إذ يجب أن يكون الموضع الحاسم بالقاعدة كارهًا للماء؛ ليتسنى للإنزيمات إدراج القاعدة في الحمض النووي (DNA)، إلا أنه ينبغي أيضا أن يقبل روابط الهيدروجين، إذا كان للإنزيمات أن تواصل نسخ الخيط.
مَحَّصَ فريق رومزبرج 3600 تركيبة من 60 قاعدة، بحثًا عن زوج قواعد النيتروجين الذى تم نسخه بأعلى كفاءة ودقة8. وبحسب قول رومزبرج، فإن الفائزين ـ وهما «MMO2» و«SICS» ـ «يسيران على خط رفيع» بين أن يكونوا كارهين للماء ومحبين للماء بموقع رئيس.
يبقى هناك تحدٍّ كبير، لكن اضطر الباحثون لإظهار أن الحمض النووي (DNA) سيحتفظ بأزواج قواعد النيتروجين غير الطبيعية، بينما يتم تصنيع مليارات النسخ. وإذا قرنت الإنزيمات قواعد النيتروجين غير الطبيعية بقواعد النيتروجين الطبيعية كثيرًا، يمكن لأحرف (قواعد النيتروجين) الجديدة أن تختفي في نهاية المطاف.

القفز من القاعدة

كان ايتشيرو هيراو ـ الكيميائي بـ«أنظمة وبيولوجيا رايكِن البنيوية» في يوكوهاما، باليابان ـ مفتونًا بفكرة إنشاء قواعد نيتروجين غير طبيعية منذ قراءة كتاب جيمس واطسُن: «الحلزون المزدوج» في عام 1968 عندما كان مراهقا. وجد هيراو وزملاؤه إمكانية تقليل سوء الاقتران بتصميم أشكال تتكيف بشكل غير ملائم مع قواعد النيتروجين الطبيعية، وذلك بإضافة مجموعات كيميائية، أو مجموعات كيميائية غنية بالإلكترونات التي تطرد الأجزاء المناظرة من قواعد النيتروجين الطبيعية.
في عام 2011، ذكر فريق هيراو أن الحمض النووي (DNA) يحتوي على زوج قواعد غير طبيعي كاره للماء، سميا Ds ، وDiol1-Px، ويمكن نسخهما بدقة تصل إلى 99.77 -99.92 في المائة لكل تكرار9. في العام نفسه، أظهر بينر وزملاؤه أن زوجًا آخر من قواعد النيتروجين غير الطبيعية - «P» و«Z»، حيث ينضم كل منهما إلى الآخر باستخدام روابط الهيدروجين، يحقق دقة تبلغ 99.8% لكل تضاعف، أو تكرار10.
وفي يوليو، أورد فريق رومزبرج معدلات تصل إلى 99.66-99.99% للإصدارات المثلى من هذه القواعد، سميت «NaM» و11«5SICS»، تتداخل مع أكثر معدل غموضًا للحمض النووى الطبيعي. يقول رومزبرج: «أفضل حالة لدينا تقترب الآن من أسوأ حالات الطبيعة».
ومع ذلك.. فقواعد (النيتروجين) غير الطبيعية لا تزال لديها الكثير لتثبته. ولم يُظهِر الباحثون أن إنزيمات البوليميراز يمكنها أن تنسخ أكثر من أربع قواعد مقترنة في صف10. وبحسب بينر، فإن إنزيم بوليميراز هو «الجوزة التى يصعب كسرها»، وربما يكون الحل هو إعادة تصميمه أيضا.
قدّم فيليب هوليجر، عالم البيولوجيا الكيميائية بمختبر مجلس الأبحاث الطبية للبيولوجيا الجزيئية في كامبريدج، المملكة المتحدة، وزملاؤه هذا النهج سابقًا هذا العام باستخدام الأحماض النووية «XNA»، التي استبدل بسكرياتها الموجودة عادة في جزيئي الحمض النووي والحمض النووي الريبي بنى حلقية أخرى12. ولّد الفريق مليارات الطفرات من إنزيم بوليمراز الطبيعي، وجعلها تتطور بوضعها تحت ضغوط انتقائية لتحويل الحمض النووي (DNA) إلى (XNA). (انظر مجلة «نيتشر» الانجليزية: http://doi.org/jrh؛ 2012)، ثم قارن أكثر الطفرات تأثيرًا لفرز أفضلها. يقول هوليجر إن إنزيم بوليمراز يتشكل تقريبا كاليد، وتبين أن «الإبهام» كان المنطقة الرئيسة التي تحتاج إلى تغيير. تقوم هذه المنطقة بالاتصال بجزيء (DNA) لدى خروجها من الإنزيم، وربما تعمل كحاجز نهائي لضمان التوليف الصحيح. كذلك، هندس الفريق إنزيمًا يحول «XNA» إلى سيرته الأولى «DNA».
هناك كثير من الرتق الذي تم حتى الآن في أنابيب المختبر، لكن يأمل الباحثون في إظهار أن الكائنات الحية يمكنها قراءة ومعالجة المعلومات. ولعل أقرب ما وصلوا إليه هو دمج قواعد النيتروجين غير الطبيعية في نظام معيشة لبكتيريا محوّرة وراثيًا، نشره السنة الماضية13 فيليب مارلييه، المؤسس المشارك لشركة «هيرسيكو» للسوائل الميكروبية في نيوارك بولاية ديلاوير. وقد استبدل مارلييه وفريقه «الكلوروراسيل» بمعظم قواعد الثايمين «T» في الكائن الحي. و«الكلوروراسيل» أحد أواسيل قاعدة النيتروجين بالحمض النووي الريبي، حيث يتم استبدال الكلورين بذرة الهيدروجين. كما طوّر الفريق نظامًا آليًا لإدخال قاعدة النيتروجين تدريجيا إلى سلالة من بكتيريا «إيشريشيا كولاي»، لا يمكنها صنع الثايمين «T» بنفسها. وبعد خمسة أشهر تقريبا، لم تستطع بعض البكتيريا البقاء حيةً دون الكلوروراسيل، وكانت البكتيريا قد حذفت حوالي 90 % من الثايمين من جينوماتها.
يعمل بينر، ورمسبرج، وهيراو أيضًا لحمل الخلايا على القبول بأزواج قواعد النيتروجين غير الطبيعية التي صنعوها، لكن حتى لو كانت الخلايا قد قبلت أزواج قواعد النيتروجين غير الطبيعية، فقد تكون هناك صعوبة في تنفيذ عمليات مثل إعادة التجميع، وهى عملية منسقة للغاية لإعادة تشكيل المادة الوراثية. يقول أندرو إلينجتون، عالم الكيمياء الحيوية بجامعة تكساس في أوستن، وتلميذ سابق لدى بينر: «إنها ليست مجرد مسألة الحصول على هذه الأشياء المرتّقة داخل الخلايا. أعتقد أن هذا سيكون مهمة شاقة من اليوم فصاعدًا».
ومن غير الواضح إلى أي مدى سيمضي الباحثون، حيث يهدف فريق مارلييه إلى أن يستبدل بكافة قواعد النيتروجين الطبيعية أربعًا أخرى جديدة غير طبيعية، لكن رومسبرج يقول إن تطوير الكائن الحي بقواعد كارهة للماء فقط سيكون قريبًا من المستحيل، لأن الخلايا تحتوي على عناصر عديدة تكيّفت للغاية للعمل مع القواعد الطبيعية. أما الجمع بين العمود الفقري غير الطبيعي والقواعد غير الطبيعية في أحد الكائنات الحية، فحسب قول بينر: «نظريتنا ليست جيدة بما فيه الكفاية بالنسبة إلينا للذهاب، والقيام بكليهما في الوقت نفسه».
وحتى لو أدّت أزواج القواعد غير الطبيعية وظائفها في الخلايا حتى الآن، لا يزال ممكنًا طرحها لاستخدامات عملية. وتستخدم شركة «سايمنز للتشخيص الصحي» في تاريتاون بنيويورك، وشركة «ليومينِكس» في أوستن بتكساس، بالفعل زوجي القواعد اللذين استحدثهما بينر، وهما: «iso-C» و«iso-G» لتحسين اكتشاف ومراقبة العدوى الفيروسية. وعلى سبيل المثال.. تستخدم «سايمنز» سلسلة من متتابعات الحمض النووي المترابطة المقيّدة بـالحمض النووي الريبي لفيروس عوز المناعة «HIV-1 RNA» في عينة دم المريض. كما أن إدراج قواعد غير طبيعية في بعض المتتابعات لا يشجع المتتابعات على التقيُّد بالمتتابعات العشوائية للحمض النووي (DNA) في العينة، ويجعل من الحمض النووي الريبي لفيروس عوز المناعة البشرية أسهل اكتشافًا لدى مستويات منخفضة.
ويمكن لجزيئات الحمض النووي والحمض النووي الريبي أيضًا أن تحفز التفاعلات، وأن تستخدم كأدوية أيضًا. ويمكن للمطورين تحسين أداء متتابعة عن طريق ربط مجموعات كيميائية بالقواعد النيتروجينية؛ وتسهّل القواعد غير الطبيعية استهداف موقع معين في المتتابعة، بدلًا من تشبع كل من قاعدتى السايتوسين «C»، أو الجوانين «G». وقد أضاف فريق رومسبرج مجموعات «رابطة» للقواعد غير الطبيعية في الحمض النووي (DNA)، تسمح بربط مضبوط لمجموعة متنوعة من الجزيئات. ويسعى الفريق الآن إلى هندسة المتتابعات التي ستحفز التفاعلات (ردود الأفعال) بطريقة أكثر كفاءة من نظرائها الطبيعيين.
يقول هيراو إن فريقه قد ولَّد متتابعات للحمض النووي (DNA)، تحتوي على قاعدة «Ds» التي ترتبط بشكل أفضل كثيرًا من المتتابعات الطبيعية لـ«إنترفيرون-جاما» ـ وهو بروتين الجهاز المناعي ـ وعلى عامل نمو بطانة الأوعية الدموية (VEGF)، وهذا بدوره هدف علاجي في السرطان وأمراض العين. وإذا نحَّينا التطبيقات العملية جانبًا، سنجد أن الباحثين مدفوعون بما يسميه كول «إغراء الخيال العلمي» لتصميم أو لتحسين الأنظمة الحية. لقد استقرت أشكال الحياة المبكرة بالأرض على أبجديتها الوراثية، لأنها ببساطة كانت مقيدة بالمواد الكيميائية المتاحة. فالأدينين«A»، مثلًا، من السهل أن يُصَنع من سيانيد الهيدروجين، الذي ربما كان موجودًا عندما ظهرت الحياة لأول مرة. وبمجرد حيازة الكائنات الحية لمجموعة عمل من قواعد النيتروجين، ربما تكون قد حبست داخل هذا النظام. يقول بينر: «إذا استغرقت كثيرًا في الكيمياء الحيوية الأساسية المتاحة لك؛ فسوف تتوه». ويرى بينر أنه برغم ما يٌعتَقد بشكل عام أن الحمض النووي الريبي (RNA) قد سبق الحمض النووي (DNA)، فقد لا يكون هذا أفضل حل ممكن لدعم الحياة، لكنه ربما كان هو أفضل حل ممكن قبل ظهور الأحياء على الأرض.
وهكذا، إذا كانت الأحماض النووية قد نشأت بشكل مستقل على كوكب آخر، فهل كانت لديها قواعد (النيتروجين) نفسها؟ لا يعتقد بينر ذلك، إلا إذا تعرضت الكائنات للقيود نفسها، لكن قد تنطبق بعض القواعد العامة. وعلى سبيل المثال.. يرى بينر أن الأعمدة الفقرية مع تكرار الشحنات ـ التي تبدت له في بادئ الأمر عائقًا ـ تثبط الطي بالفعل، وتؤكد أن خيوط {الحمض النووي} التي بها قواعد نيتروجينية بمتتابعات مختلفة تسلك سلوكًا مماثلًا خلال عمليات كالتكرار (النسخ).
وبرغم أن بعض الباحثين قد حقق نجاحًا مع الأعمدة الفقرية البديلة، أسفرت محاولات كثيرة عن جزيئات متيبسة جدا، أو مفككة جدا لتشكيل الحلزون المزدوج. ويعتقد هوليجر أن هناك حدًّا للتباينات (التغايرات) الكيميائية التي يمكن إدخالها. (انظر «نيتشر» 483، 528-530؛ 2012).
وهذا لن يثني الباحثين عن توسيع المجال البحثي، ودفع الحدود بعيدًا. ويتساءل كول: «لماذا تكون كيمياء الكائنات الحية كما هي الآن؟ هل هذا لأنها الجواب الوحيد الممكن؟». ويجيب بقوله: «أعتقد أن إجابة هذا السؤال هي لا، وأن الطريقة الوحيدة لإثبات ذلك بشكل قاطع هو أن تقوم بذلك عمليًّا».
  1. Richert, C., Roughton, A. L. & Benner, S. A. J. Am. Chem. Soc. 118, 4518–4531 (1996)
  2. Switzer, C., Moroney, S. E. & Benner, S. A. J. Am. Chem. Soc. 111, 8322–8323 (1989)
  3. Piccirilli, J. A. et al. Nature 343, 33–37 (1990)
  4. Bain, J. D., Switzer, C., Chamberlin, A. R. & Benner, S. A. Nature 356, 537–539 (1992)
  5. Schweitzer, B. A. & Kool, E. T. J. Am. Chem. Soc. 117, 1863–1872 (1995)
  6. Moran, S., Ren, R. X.-F., Rumney, S. & Kool, E. T. J. Am. Chem. Soc. 119, 2056–2057 (1997)
  7. Moran, S., Ren, R. X.-F. & Kool, E. T. Proc. Natl Acad. Sci. USA 94, 10506–10511 (1997). 
  8. Leconte, A. M. et al. J. Am. Chem. Soc. 130, 2336–2343 (2008)
  9. Yamashige, R. et al. Nucl. Acids Res. 40, 2793–2806 (2012)
  10. Yang, Z., Chen, F., Alvarado, J. B. & Benner, S. A. J. Am. Chem. Soc. 133, 15105–15112 (2011)
  11. Malyshev, D. A. et al. Proc. Natl Acad. Sci. USA 109, 12005–12010 (2012)
  12. Pinheiro, V. B. et al. Science 336, 341–344 (2012)
  13. Marlière, P. et al. Angew. Chem. Int. Edn 50, 7109–7114 (2011).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق